تعليموجهة نظر

تعليقا على “مستوى الأساتذة “

بقلم الأستاذ حميد بن خيبش
قدم المرصد الوطني للتنمية البشرية،بشراكة مع البنك الدولي، يوم الأربعاء المنصرم ندوة قدم من خلالها نتائج دراسة تهم جودة مؤشرات الخدمات المقدمة من لدن مؤسسات التعليم الابتدائي. وكالعادة بطبيعة الحال فإن الأساتذة حظوا بنصيبهم من “الجلد” الذي لا يفارق ظهورهم في الآونة الأخيرة باعتبارهم “الحجام ” الذي ينبغي أن يُعلق كلما طاحت صومعة !
تمت الإشارة إلى كفاءة الأساتذة فيما يتعلق بتدريس مواد اللغة العربية و الفرنسية و الرياضيات، حيث كانت النتائج مخيبة للآمال بالنسبة للغة الفرنسية، ومتوسطة إلى جيدة نسبيا فيما يخص اللغة العربية و الرياضيات.
كل ما ورد في الدراسة تحصيل حاصل، ولا يكشف جديدا قد ينضاف إلى ما ظلت أقلام عديدة تشير إليه وتدق بشأنه ناقوس الخطر. فضعف تكوين الأساتذة، ولجوء الوزارة إلى اعتماد مقاربات متسرعة وترقيعية، بالإضافة إلى حصر أدوار هيئة الإشراف التربوي في المهام الروتينية وإعداد التقارير المسكوكة،وتأديب ” الباسلين” من الأساتذة، كل هذه الأسباب تلقي بظلها على الوضع الحالي الذي ترزح تحت وطأته المدرسة العمومية.
لكن هناك الأسباب التي يعرفها العام و الخاص و لم تجد بعد سبيلها إلى دائرة الضوء، حتى يتم الإعلان عنها بكل جرأة، و إنجاز الدراسات حولها،مما يتيح تطويرا حقيقيا لمنظومة التعليم ورفعا لجودة وكفاءة مدخلاتها ومخرجاتها في آن .هذه الأسباب التي تلخصها الأسئلة الموجعة الآتية :
1 – لماذا يهرب الأساتذة من المدرسة العمومية، ولماذا يبادر حتى المبتدئون منهم فور تعيينهم إلى البحث عن بدائل أخرى مريحة، سواء في دواليب المنظومة أو خارجها ؟
2 – لماذا تعتمد الوزارة معايير المردودية و المواظبة و البحث و الإبداع في ترقية الموظف من رتبة إلى أخرى بفارق مادي مخجل، بينما تعتمد معيار الشهادة الجامعية شرطا لاجتياز بعض المباريات الأخرى، حتى وإن كانت تلك الشهادة لا تعكس بالضرورة أية كفاءة معرفية أو أهلية حقيقية للمتباري ؟
3 – لماذا تجري المقارنة دوما بين التعليم العمومي و الخاص في إصرار عجيب على تغطية الشمس بالغربال .أولسنا نقارن بذلك مرفقا عموميا بمقاولة خاصة تحظى بالامتيازات؟ وهل الجودة التي يحققها التعليم الخاص مردها بالفعل إلى كفاءة الأطر أم إلى ظروف عملهم التي جعلت الآلاف منهم يلتحقون بركب التعاقد ؟
4 – ولماذا تصر الوزارة على خوض لعبة الأرقام و الإحصاءات المتفائلة رغم ما يكشفه الواقع باستمرار من إكراهات و ظروف تمدرس حاطة للكرامة ؟ هل الغاية هي تبرئة الوزارة من أي تقصير ليسهل إلقاء اللوم على الأساتذة ؟
5 – هل يمكن إنجاح خطط الإصلاح و التصورات الرائدة للنهوض بمنظومة التعليم دون نشر ثقافة محفزة ومتفائلة، تعيد للأستاذ وضعه الاعتباري،وتعالج الاختلالات بدل نشر الغسيل على صفحات الجرائد ومواقع الأنترنيت ؟ ثم ، مالذي جناه المجتمع حتى الآن من هذا الحط المتواصل من كرامة الأستاذ؟ هل تغير شيء ؟ مؤكد أن ما نعاينه اليوم من تجليات الغارة على المدرسة العمومية يقدم جوابا أوضح للعيان من شمس الظهيرة !
6 – وختاما، ألا يتحمل شركاء المدرسة المغربية ضريبة التدهور الواضح لمنظومة التعليم؟ ألا تتحمل الجماعات القروية و المجالس الحضرية و جمعيات المجتمع المدني وباقي المتدخلين مسؤولية مباشرة عن الوضع المزري الذي تعيشه المدرسة العمومة ببنياتها وأطرها وفضاءاتها ؟ إن مما يندى له الجبين في بعض قرانا ومداشرنا وجبالنا أن يتذوق الأساتذة طعم الذل بحثا عن سكن يأويهم ،وعن متطوع لتزويدهم بوسائل العيش الضرورية،في الوقت الذي تخصص الجماعة اعتمادات مالية لتجديد سيارة الرئيس أو طلاء سور مقبرة !
إن تقرير المرصد الوطني الذي يلمع صورة التعليم الخاص بعد سلسلة الفضائح التي فجرها الوزير السابق محمد الوفا، وقصة “النفخ” في النقط التي أعلنها الوزير السابق حصاد . يطرح في حقيقة الأمر سؤال الجدية و الموضوعية وكفاءة التشخيص لمشاكل منظومة لن تنهض إلا بتجديد الثقة في الفاعل الأساسي. و كل تحليق خارج هذا المدار لن يؤتي أكله،ولن يعيد للمدرسة العمومية وضعها الاعتباري المنشود .

Related Articles

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button