تعليموجهة نظر

أيها المسؤولون إن البلاد تحتاج إلى الأدب والعلم معا

مراسلة :ذ. عبد المجيد صرودي
        لا أستغرب حين تصلني صدى الصيحات المتشائمة التي تريد التقليص من قيمة الأدب وأجناسه، ربما لكونها سابقة لأوانها، أو تصدر ممن لم يع ذاته أولا، ثم كيف يحيا ثانيا، هذا إن سلمنا بأنه يعرف ماهية الأدب وأدواره في التاريخ الإنساني. 
        مرد ذلك، أننا لا نعرف ماذا نريد فوق هذه الأرض؟ وما لا نريد؟ وهل نعيش حياتنا؟ أم نعيش حياة الآخرين؟
        فإن كنا أناسا بالفعل من دم ولحم، ومن مادة وروح، فإن هذا الدم وهذه الروح لا يقبلان الحياة والدب في الأرض إلا بفعل التفكير وتبادل الانتاجات الفردية، مما يكوّن جامعا مشتركا بين بني البشر دون “بني الحيوان”؛ بل أجدني في هذا المقام، ملزما برصد أعطاف مهمة من جنس الأدب شعره ونثره، ولا أدعي أني أعرفه علم اليقين، بقدر ما أعتبره من المفاهيم الزئبقية العصية على التحديد والتعريف، التي كلما أردت أن تقبض عليها إلا وعادت لتنفلت من جديد. 
        فإذا عرجت على تعريف طه حسين للأدب، حين اعتبره” إنشاء ووصف”، أوتعريف نجيب الكيلاني وشلتاغ عبود، أو عبد الفتاح كيليطو، أو تيزفتان تودوروف، أورومان ياكبسون وغيرهم، فإن مطافي سينتهي إلى اعتبار الأدب من التأدب أولا، ومن العناصر الحياتية التي تساعد بني آدم في حياته ثانيا.
        إن تأملا يسيرا في الأعمال الأدبية عموما، وفي بعض الروايات والأشعار تحديدا، يجعلنا نحس وكأننا نعيش حيوات عديدة، فهذه تنقذ صاحبتها في الزنزانة التي تكاد فيها أن تضع حدا لحياتها، فإذا هي تقدم لها روايات أبطالها صنعوا النجاة لأنفسهم من داخل السجون..
        بالأدب نحيا مرات عديدة، وبالأدب نتخطى عثرات الآخرين، وبالأدب نرى الكون بعيون كثيرة. 
        ليست مسألة تميز الأدب جديدة، بل هي ملازمة للإنسان منذ العصور القديمة، حتى العصر الحديث، إلى درجة لا نكاد نسمع حديثا خاليا من الأدب بشكل عام  في أغلب وأعرق البلدان العربية والإسلامية، إلا في قطرنا الذي لا نعترف فيه بقيمة الأشياء..
       ربما فهمنا الآن لماذا ألفينا جل تلامذتنا في المدارس، و طلابنا في الجامعات، من ذوي القلوب الضعيفة، والظروف الفكرية والاجتماعية المهترئة، يعيشون أزمات نفسية صعبة، وحالات فكرية متذبذبة وغير مستقرة، ولماذا تفشى الغش، واضمحلت أخلاق طالب العلم التي يفترض أن تضاهي أخلاق الفرسان، ولما بات طالب العلم متشائما ومهزوزا وخائفا من واقعه وقلقا على مستقبله..؟؟
 فمن يتحمل مسؤولية التصدي لكل الراغبين في إفراغ المواطن من عمقه الروحي والثقافي؟
 ومن يتصدى للذين يعتبرون الإنسان مادة فقط؟ ومتى يقتنع المسؤولون بأننا في حاجة إلى الأدب والعلم معا؟؟

Related Articles

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button