تعليموجهة نظر

في الحقيقة كلمة معلم افضل وأجدر من كلمة أستاذ

 بقلم الأستاذ السعيد بنلباه – بنسليمان – 
رغم أن وزارة التربية الوطنية استغنت في أبجدياتها منذ زمان عن تسمية ” معلم” واستعملت بذلها تسمية أستاذ التعليم الابتدائي، إلا أن البعض سواء من داخل الحقل التعليمي أو من خارجه لا زالوا مصرين على استعمال لفظ “معلم” إما بباعث استدرار عطف الأخر ! وإما بدافع احتقار الأخر وتحسيسه بدونيته مقابل الإحساس بالعظمة! 
لفظ ” معلم” بحمولته المادية والمعنوية يحيلنا بالضرورة إلى فترة بداية الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، فكل من عاش حالة المدرسة والتمدرس في ذلك الإبان لا بد وأنه ترسخ في ذاكرته بل وفي كل جوارحه، من أكبر مكون بها إلى أدق شعيرة، تلك الصورة النمطية الجميلة لهذا الكائن التربوي “الذي لم يعد” . 
شخص أنيق، بهندام محترم ، وربطة عنق، ووجه حليق، وشارب خفيف في شكل سطر، محسوكة أهدابه، تاركة لمقدمة شفته العليا فرصة البروز.. والقلمان الأزرق والأحمر يؤثثان الجيب العلوي لوزرته البيضاء، أو قميصه الفضفاض الصيفي ،خارج أوقات العمل، وسواء أكان فاره الطول أو قصير القامة كنت تراه يمشي، أو يقف مرفوع الهامة…. 
هذا الكائن كان يتقاضى في الأغلب الأعم مابين 25 و 40 ألف فرنك، و كان الدرهم لم يظهر بعد. 25 ألف فرنك كان يعيل بها الأسرة، وربما الأب والأم والأخوات والإخوة، وكان يتأنق بما تقتضيه مهنته..فهل كانت هذه الأجرة كافية لكل هذا؟ هل كانت مهنة “معلم” تتيح له إمكانية الحصول على الإكراميات العامة “حتى لا نقول شيئا أخر” والإكراميات الخاصة، والعلاوات من الوزارة الوصية..و..و..و..و، أم أنه ببساطة كان يتمثل مهنته، ويتشبه بالمعلمين الأجانب آنذاك… في عزة وكرامة وإباء…ومنهم من اعتلى بعد ذلك مناصب كبرى، وأصبحوا وزراء، ومنهم من أنجب بنات وصبيانا يحتلون حاليا مناصب راقية…. 
وغيييير.. ..معلم… 
في اعتقادي أن عبارة غيير معلم. بدأت في الظهور مع بداية ثمانينيات القرن الماضي رغم أن هذه الفترة شهدت على نحو ما بداية حلحلة حقل التعليم من خلال رفع سقف شاهدة ولوج مهنة التدريس بالسلك الابتدائي، إلى البكالوريا..وتم رفع سلم الترتيب الإداري للمعلم أنداك إلى سلم 8 والأجرة إلى 1400 درهم بعد الترسيم… وكنت واحدا من المستقطبين إلى هذا الحقل، سنة 1981 وفي هذه السنة بالذات كانت لي أول حكاية مع ” غيير معلم” بمركز التكوين بتطوان..حيث زارنا عسكري برتبة “ليوتنن كولونيل” إذا لم تخني الذاكرة وهو شقيق أحد الطلبة المعلمين ” وهكذا كنا نسمى ” وفي خضم الحديث ترددت كثيرا عبارة “و غيير معلم”..وكان رد العسكري صادما لمن اعتبر منا ، حيث اختصر جوابه في أربع أو خمس كلمات ” على رجال التعليم يعرفوا قيمتهم”… 
وتوالت الحلحلات…بقطاع التعليم الابتدائي وهنا أركز على الابتدائي ارتباطا بأساس الموضوع، واستأنسنا بالسلم 9 وبعده السلم عشرة..والآن نحن وقوف على أعتاب، خارج السلم بعد رقم 11 وما أدراك ما سلم 11…والشهادات بلغت سقف الماستر …وما أدراك ما الماستر.. ومع ذلك لا يزال البعض مصرا على إحياء لفظ معلم مسبوقا ب ” غييير” ” !!!!!!! 
المشكل أن هذا التعبير تحول لدى البعض من المعنيين مباشرة به، والذين يبغون من وراء إلصاقه بدواتهم، استدرار العطف المادي والمعنوي الخبيث،تحول لذيهم إلى ثقافة عدم المشاركة في الفعل.. وبالتالي عدم تحمل المسؤولية… حتى فيما يهم قطاعهم… أو يشاركوا لماما ويتنكرون… حتى يظلوا في موقف المتشكي المتظلم دائما…بل والمنتقد لكل شيء…. 
على رجال التعليم أن يدركوا قيمتهم… 
في الحقيقة لم أعد أذكر صورة الضابط الذي سمعت منه هذا الكلام، ولا صورة شقيقة الذي من المفروض قضينا سنة بنفس المؤسسة… لكن لا تزال العبارة هاته حية في ذاكرتي ولم تستطع لا نائبات، ولا مجريات ولا الأحداث التي تراكمت على مدى 35 سنة أن تمحوها… 
غييير معلم … لا يضاهيها في مواقفنا اليومية، حسب رأيي، سوى ما يتسلح به المواطن البسيط، عندما يجد نفسه في موقف ظالم، حيث يرفض طلبه ويلبى نفس الطلب لأخر بعد تدخل جهة ما، حيث يردد ” حنا لينا غييير الله” كما لو أن ذلك المتدخل المسؤول أو أيا كان أهم وأقوى بكثير من “الله ” 
اللي عندوا الله عندو كلشي… يبقى فقط على الإنسان أيا ما كان، أن يحسن عمله كي يحسن إليه الله…هذا هو الأهم هذا هو ” دوفيز فالدنيا” وتعيا ما تسرق، و تعيا ما تخلوض، وتعيا متمسكن…وتعيا ….”إيلا معندكش الدوفيز راك تعيا. 
لو عدت اليوم إلى سنة 1981 لأعيد الاختيار لاخترت أن أكون معلما.

Related Articles

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button